هل ستحدث إدارة بايدن فرقًا بالنسبة لليمن

يسعى الرئيس الأمريكي جو بايدن إلى إنهاء الحرب المستمرة منذ ست سنوات في اليمن، من خلال الحد من التدخلات العسكرية والعودة إلى الدبلوماسية حيث شكل فوز بايدن في الانتخابات الرئاسية الامريكية عامل ضغط على التحالف لتشكيل الحكومة والخروج بحل توافقي. اللافت للنظر أن توجه إدارة بايدن لا يختلف كثيراً عن  الاستراتيجية التي تسعى السعودية حالياً لانتهاجها في اليمن

ظاهريًا، تشير تصريحات بايدن عن اليمن إلى تحوّل كبير في السياسة الأمريكية. والخطوة الأبرز هي وقف الدعم للعمليات العسكرية الواسعة التي تقودها السعودية في اليمن منذ ست سنوات، مع مواصلة الدفاع عن السعودية ضد أي هجمات عليها. وقد أوضح هذا القرار، مقرونًا بتعيين تيموثي لندركينغ، نائب مساعد وزير الخارجية سابقًا لشؤون الخليج العربي، المبعوث الخاص الأمريكي إلى اليمن، أن الولايات المتحدة تريد رفع وتيرة المسار الدبلوماسي لإنهاء الحرب. وشكّل إبطال القرار الذي اتخذته الإدارة الأمريكية السابقة بإدراج جماعة الحوثيين ضمن قائمة التنظيمات الإرهابية الأجنبية، خطوةً ضرورية نحو تمهيد الطريق لجهود المفاوضات مع الجماعة

اللافت هو أن السعودية بدت متحفّظة في موقفها من هذه القرارات، واكتفت بالترحيب بتعزيز التعاون الدفاعي وبتعيين المبعوث الأمريكي. توقع البعض منها تعبيرًا عن الاستهجان، ولا سيما بعد قرار وقف الدعم العسكري الأمريكي للعمليات الهجومية السعودية. ولكنْ ثمة أسباب عدّة ربما دفعت بالسعوديين إلى التروّي.

أحد الأسباب الأساسية خلف الرد السعودي الهادئ هو أن الاستراتيجية العسكرية للمملكة تشهد تغيّرًا منذ بعض الوقت، بما يتماشى جزئيًا مع تغييرات بايدن السياسية. ففي منتصف العام 2019، بدأت السعودية بالتحوّل من استراتيجية التدخل الصلب إلى التدخل الناعم، مع تراجع لافت في عملياتها العسكرية ضد الحوثيين

لقد أصبحت التكاليف الاقتصادية والإنسانية والسياسية مرتفعة جدًّا بحيث لم يعد بإمكان الشعب اليمني تحمّلها، ولا سيما بعد تفشّي جائحة كورونا. يُسجّل الإنفاق العسكري السعودي، بصورة مستمرة، نسبة مرتفعة من إجمالي الناتج المحلي (13% عند بداية حرب اليمن في العام 2015)، حتى إنه يتخطى بأشواط نسبة الإنفاق العسكري التي تسجّلها قوى دولية مثل الولايات المتحدة (3.5% في العام 2015). ويُستخدَم جزء كبير من هذا الإنفاق من أجل التصدّي للتهديدات الإيرانية، بما في ذلك في اليمن.

في الواقع، يمكن أن تكون المحادثات التي تقودها جهات خارجية مثمرة، كما ظهر في الأشهر الأخيرة، ولا سيما في أواخر العام 2020. ففي بادرة حسن نيّة تنسجم مع ما نص عليه اتفاق ستوكهولم حول اليمن الذي أُبرِم برعاية الأمم المتحدة، حدث تبادلٌ للأسرى وسمحت السعودية بإجلاء الحالات الطبية من المطار الذي يسيطر عليه الحوثيون في العاصمة اليمنية صنعاء. ولكن هذا التقدم لا يكاد يذكر وقد ينهار بسهولة إذا استمرت الهجمات الحوثية باتجاه السعودية أو باتجاه المناطق الداخلية التي تسيطر عليها الحكومة والجيش الوطني، مثلما حصل مع مطلع هذا العام من قيام الحوثيين بقصف بعض المنشآت والمطارات في جنوب غرب السعودية والهجوم المكثف على مدينة مأرب اليمنية وقصف المطارات المدنية ومناطق تجمع النازحين

يمكن أن تعمل الولايات المتحدة على التهدئة، وربما تؤدّي دورًا أكبر في حال امتلكت استراتيجية شاملة وواضحة تأخذ في الاعتبار تحركات الفرقاء المختلفين في الحرب. لقد حقق الحوثيون بالحرب والمواجهات العديد من التقدمات، ومن غير المرجّح أن يقبلوا باتفاق لتقاسم السلطة، في حين أن الحكومة اليمنية والمواطن اليمني لن يقبل بمنح الحوثيين أي دور شرعي في الحكم بسبب الفظائع الإنسانية التي ارتكبوها. وقد يتبيّن أن الداعمين الخارجيين الآخرين لديهم نزعة أكبر للتدخل. فعلى سبيل المثال، تحاول روسيا والصين أداء دور أكبر في انعقاد المحادثات نظرًا إلى علاقاتهما الودّية مع إيران. وقد تؤدي الاستراتيجية الأمريكية الجديدة في اليمن إلى دفع روسيا والصين نحو استخدام تأثيرهما على الحوثيين من أجل زيادة العراقيل أمام الجهود الدبلوماسية الأمريكية.

 

عميد ركن/ مصطفى علي احمد حيدان

رئيس اركان قوات العمليات الخاصة اليمنية

 

The views presented in this article are those of the speaker or author and do not necessarily represent the views of DoD or its components.